Saturday, December 09, 2006

محاولة لترجمة الحياة


بصعوبة بالغة أجد مكان لسيارتي الصغيرة في شارع جانبي متفرع من شارع الشيخ ريحان. ألعن نفسي لأنني لم أفكر في صعوبة صف السيارة، وبالتالي تأخرت على حصة الترجمة الفورية، أول حصة بعد العيد. أحاول ألا أدع توجيهات السايس المتضاربة—والتي يكيلها لي بصوتٍ عالٍ كلكمات سمعية—تزعجني. ألملم أغراضي وأضع المحمول ومفاتيح السيارة في حقيبتي. التقط كراستي ثم أُعيد النظر في الحقيبة لأتأكد من وجود مفاتيح السيارة بها. أخرج من السيارة وأُعطي السايس "الإتاوة"، ثم قبل أن أغلق باب السيارة أتأكد من وجود المفاتيح في الحقيبة.

من آخر الشارع نصف المظلم تقترب مجموعة من الأولاد والبنات في سن المدرسة. أرى أن مجموعة الأولاد يسيرون خلف وأمام وبجوار مجموعة البنات. الأولاد يعاكسون البنات، والبنات يضحكن أو يسرعن أو يتمايلن أو ينهرن الأولاد. فجأة اسمع من خلفي صوت طفولي يسب البنات بأقذع الشتائم! استدير لأرى ولد لا يمكن أن يتعدى الثانية عشرة من عمره. يشتمهن ثم يجري. يتكهرب الجو. استمر في السير ببطء وأرى أن الأولاد أخذوا في الاقتراب أكثر من البنات، والتطاول عليهم بالكلام، والبنات توترن وأخذن في الرد على الأولاد. يتعالى الصياح وأنا أحث الخطى لألحق بحصتي.

(على المترجم الفوري أن يحاول فهم السياق جيداً).

يخفق قلبي بعنف حتى أشعر به يضغط على رقبتي ويكتم أنفاسي. قبل أسبوع من اليوم، وفي مكان قريب من هنا، اعتدى مجموعة من الشباب على بنات بالجملة، ليلة العيد، وفي واحد من أكثر شوارع القاهرة ازدحاماً. ما الذي يمكن أن يحدث هنا الآن؟

(وأن تكون لديه سرعة استجابة ليعرف كيف يتصرف في المواقف غير المتوقعة).

عند بوابة الجامعة الأمريكية أرى سيارة دورية شرطة. بيد مرتعشة أُخرج بطاقتي لرجل الأمن، وأرى أن هناك ضابط يتحدث مع آخر بجوار البوابة. استرد بطاقتي وأدخل المبنى مسرعة وأبدأ في صعود الدرج.

(ويجب أن تكون لدى المترجم الفوري القدرة على "ترقيع" أخطائه)

أستدير وأنزل الدرج. أخرج من البوابة لأرى الضابط مازال هناك.

(وأن يتمتع برباطة جأش وثبات وثقة بالنفس)

يهرب صوتي وأتلجلج تماماً وأنا أقول للضابط أن هناك، على ناصية هذا الشارع، نعم، هذا الشارع، بعد تلك الناصية، نعم نعم، هذا هو، على ناصيته هناك مجموعة من الأولاد يتبعون مجموعة من البنات، ويضايقونهن.

(وعليه أن يتحكم في نبرة صوته وتنفسه ومخارج ألفاظه)

يحاول الضابط أن يفهم مني أكثر فأجد نفسي عاجزة عن تكوين جمل بسيطة. تتفكك الكلمات في عقلي فأُدلي بها كما هي: الشارع...ولاد...وبنات...ضلمة...هناك...دلوقتي.

(وأن يعرف أن ليس عليه سوى توصيل 70% من المعنى ، ولكن يجب أن يركز ليعرف أين المعلومة المراد توصيلها)

يطمئني الضابط أنه سيذهب فوراً لتفقد الوضع، ويسألني عن الشارع مرة أخرى، قبل أن يعود لاستكمال الحوار مع زميله.

استقل المصعد هذه المرة. أدخل المعمل وأرمي بنفسي في أول كابينة، ألملم أطرافي حولي وأرتجف في مقعدي بصمت. بعد ربع ساعة، وعندما لاحظت أستاذتي أنني أنظر لها بتركيز شديد وبدون أن يطرف لي جفن، وأنها تتكلم وأنا لم أُخرج كراستي بعد أو أضع السماعات حتى، أوقفت التسجيل وسألت: "في إيه يا رحاب؟" ففتحت فمي فلم يخرج سوى: "أنا خايفة أوي".


Monday, December 04, 2006

أن تحب



لعل الحب هو أن تتعلم
أن تمضي عبر هذا العالم.
تتعلم أن تكون صامتاً
مثل شجر البلوط والزيزفون في القصص.
تتعلم أن ترى.
نظرتك نثرت بذوراً.
زَرَعَت شجرة.
أنا أتكلم
لأنك تهز أوراقها.

--محاولة لترجمة أبيات من قصيدة لأوكتافيو باز


Saturday, November 04, 2006

عرض بلدنا من عرض ولادنا


Photobucket - Video and Image Hosting

تنظم لجنة الحريات بنقابة الصحفيين
وقفة نسائية متشحة بالسواد
احتجاجاً على أحداث التحرش الجنسي في وسط المدينة،
وذلك في يوم الخميس الموافق 9 نوفمبر 2006 بمقر النقابة
من الساعة 12 ظهرا إلى الساعة 2 ظهرا



Saturday, October 28, 2006

تنتخبوا مين



بالصدفة اكتشفت إني من ضمن 10 مدونات مرشحة للفوز بجائزة أفضل مدونة عربية من الدويتش فيلله. يظهر إني اتدبست كالعادة. لو تحبوا تصوتوا ليا ممكن تروحوا هنا. لو تحبوا تصوتوا عليا ده موضوع تاني :)

Friday, September 29, 2006

اسمعوا الحدوتة: خطوات جديدة


استعنت بصوت سامية الجميل ولمسة تقنية ساحرة من عمرو...علشان نقدم لكم "خطوات جديدة".

Thursday, September 21, 2006

أصحابي الخياليين...تاني


كتبت العام الماضي تدوينة لحصر أصحابي الخياليين الذين تعرفت عليهم على مدار العام، وقررت أن استمر في هذا الطقس وأشارككم بعض ملاحظاتي عما قرأت في الأشهر الماضية. انتهز هذه الفرصة لأكرر أنني لست ناقدة أدبية ولكني فقط قارئة نهمة للغاية وثرثارة إلى أقصى حد، وأجد صعوبة في الاحتفاظ بانطباعاتي عن الكتب لنفسي. وكما ذكرت مسبقاً في كثير من المواقف، فالكتابة والقراءة تجربتان في منتهى الذاتية.

أنا عضوة في مجموعة لها اهتمامات ثقافية تجتمع أحياناً لتناقش بعض الكتب العربية أو الأجنبية، وفي شهر مايو كان كتاب إبراهيم عبد المجيد "لا أحد ينام في الإسكندرية" هو كتاب الشهر. استمتعت جداً بالأجزاء البانورامية في الرواية، التي تحكي حكايات عن تاريخ الإسكندرية وأهلها، بالإضافة إلى سرد للوضع العالمي في هذا الوقت. فيما عدا ذلك أحسست أن الرواية طالت أكثر من اللازم وقاومت أكثر من مرة حتى أنهيها، وفي النهاية لم أذهب لمناقشة الكتاب أو مقابلة الكاتب.

أخذ مني كتاب "إنديجو" لمارينا ورنر شهور طويلة حتى استطعت أن انهيه بنهاية شهر يونيو في ليلة طويلة لم اتمكن فيها من النوم لشدة الحر. تُعيد مارينا في قصتها إعادة كتابة نص "العاصفة" لشكسبير بمنظور مختلف تماماً، تستكشف فيه الاستعمار والعبودية والمقاومة، بالإضافة إلى قدرات السحر والكثير من الأرواح الهائمة. النص غني بالألوان، والاسم "إنديجو" (وهو اللون النيلي) مجرد بداية. كل شخص أو موقف أو حدث له هالة لونية تغلفه. النص يميل إلى التعقيد والمراوغة، فهي ليست رواية تُقرأ لتزجية الوقت ولكنها عرض لقضية الهوية...بالألوان.

من أسوأ مشاكلي في الحياة هو استحواذ فكرة معينة علىّ فلا أرتاح حتى أحققها (أو اقرر أنني لا أريد أن أحققها)، وأصابني هذا مع كتابات
لطيفة الزيات فأخذت أبحث عنها في كل مكان. ولم يساعد كلام د. رضوى عاشور المستمر عنها أو استشهاد بعض أصدقائي بقطع من كتاباتها في تخفيف حدة هذا الهوس. أتعرف هذه الحالة عندما تستحوذ عليك فكرة وتجد أن كل الأشياء تشير إليها وكل الأشخاص فجأة يتكلمون عنها؟ افتح التلفاز فأجد حوار قديم لها، أجد تسجيل صوتي لها على موقع الإذاعة المصرية بالصدفة، اتصل بإحدى صديقاتي (التي لا أعرف عنها اهتمامها بالقراءة أصلاً) وفي وسط الحديث تذكر أنها تقرأ مذكرات لطيفة الزيات. تصيبني كل هذه الأشياء بالغيظ الشديد وتجعلني أكثر عنداً في البحث. وفي محاولة لإيجاد كتبها ابعث برسالة استغاثة لمجموعة بريدية لها اهتمامات أدبية أطلب من أي فاعل خير لديه تلك الكتب أن يعيرني إياها. يأتيني الرد المنقذ من إنسانة جميلة تعرض إقراضي الكتب لبضعة ساعات لأنسخها وأعيدها إليها. اذهب لزيارتها فاكتشف إنها لبنى عبد المجيد شكري، مذيعة في صوت العرب ومسئولة عن برنامج ثقافي بها. رغم أن الخطة الأولية كانت أن أمر عليها لآخذ الكتب وامضي، في غمضة عين مضت أكثر من الساعة ونحن نتكلم عن الأدب والكتب والدراسة ولطيفة والكثير من الأشياء المبهرة، وذلك ليس لأني ثرثارة ولكن لأن لبنى إنسانة جميلة جداً ومتحدثة ممتعة للغاية. أعطتني لبنى كتابي لطيفة الزيات "الباب المفتوح" و"حملة تفتيش – أوراق شخصية". عندما زرتها مرة أخرى بعد ذلك بأسبوعين (لبنى أيضاً كريمة للغاية وتركتني استمتع بكتبها لأسبوعين) ذكرت لبنى أن محمد مقبل زوجها قد كتب مجموعتين قصصيتين. في ذلك الوقت كان قد مر على بضعة أشهر وأنا اكتب، لذلك انبهرت بفكرة مقابلة كاتب شاب نشر بالفعل كتابين. جاء محمد وجلسنا جميعاً نتكلم لساعات عن الكتب والكتابة. كانت أمسية جميلة للغاية لأنني حينها لم أكن استطيع أن أتحدث بحرية عن الكتابة، وعن كتابتي على الأخص، لأنني لم أكن أشعر أنني كاتبة. وجدت أن محمد يشاركني الكثير من المشاكل والهموم والمشاعر فيما يتعلق بالكتابة، مما طمأنني وأكد لي أنني إنسانة طبيعية (بشكل ما) في نهاية الأمر. وقبل أن اتركهما أهداني محمد مجموعته القصصية الثانية "الرماديون" ونصحني أن استمر في الكتابة وألا أيأس سريعاً، رغم أنه لم يكن قد قرأ لي بعد. لبنى ومحمد أسرة كريمة للغاية. صدر للبنى مؤخراً كتاب "اعترافات أدبية" عن دار الهلال، تعرض فيه مجموعة من لقاءاتها الإذاعية مع شخصيات أدبية وفنية مختلفة مثل مريد البرغوثي، بهجت عثمان، محمد عفيفي مطر، سلوى العناني، عبد الوهاب المسيري، سميح القاسم، وسلوى العناني وآخرين.

ما أعجبني في مجموعة "الرماديون" هو اللقطات المكثفة التي تميزت بها القصص القصيرة، لقطات حميمة جداً من الطفولة والشباب نجح من خلالها محمد برقة شديدة في استحضار عالم كامل من الشخصيات، تشعر أنك تعرفها جيداً وتصبح ممتناً لمحمد لأنه جعلك أكثر قرباً منها وتقديراً لها. قابلت محمد بعد ذلك بفترة طويلة جداً في كتب كتاب
عزبي وإيمان، وضحكت جداً عندما قال: "أيوه افتكرتك! إنتي صاحبة لبنى المثقفة!" فقلت: "الله يخليك ما تقولش كده ادام الناس! سُمعتي!"

غالباً عندما تحب كاتب بعينه تسعى لقراءة كل ما كتب، وحدث هذا معي ولكن بالنسبة لسيناريوهات
تشارلي كوفمان الذي كتب "التأقلم"، و"أن تكون جون مالكوفيتش"، و"الإشراق الأبدي للعقل الناصع". فيلم "التأقلم" مأخوذ عن كتاب سوزان أورلين "سارق الأوركيد"، وتعتبر هذه من المرات النادرة التي لا أندم فيها على مشاهدة الفيلم قبل قراءة الكتاب لأن كوفمان أبدع فعلاً في أن يستخلص سيناريو رائع من كتاب يتراوح بين كونه رواية ودراسة عن زهور الأوركيد. قرأت "سارق الأوركيد" بسرعة ولهفة، فهو من تلك الكتب التي تجبرك على القراءة والقراءة ثم الاستمرار في القراءة وأنت تلهث وراء الأحداث حتى تنسى التنفس أحياناً.


ماذا يمكن أن أقول عن كونديرا؟ هو مسئول عن الكثير من "اللعب" في دماغي. يضعك كونديرا أمام أفكار مذهلة، عارضاً بمنتهى البساطة ما يدور في أعمق أعماق النفس البشرية. يفعل ذلك ببساطة كأنه يقلب صفحة جريدة. يتعرض لأفكار تخشى أنت من التفكير فيها حتى وأنت وحدك، ثم يقنعك بصحتها وهو يسخر منها (ومنك أحياناً) في نفس الوقت. قرأت له هذا العام "
الهوية" وبعد الانتهاء من الكتاب وضعته جانباً وجلست أحملق في الفراغ ولم يصدر مني سوى "يا لهوي" بصوتٍ مأخوذ.

وجاءت رواية "
عابر سرير" لأحلام مستغانمي كمجرد تنويعة أخرى على تيمة روايتها الأولى "ذاكرة الجسد"، بنفس اللغة والتعبيرات الشعرية الملتوية الموحية. كنت قد انبهرت بـ"ذاكرة الجسد" ثم خرجت من "فوضى الحواس" بفوضى فعلية في حواسي وبعض من سأم، ولكني وجدتني أهرع بين صفحات "عابر سرير" لأنتهي منها و"أخلص". بعض الأشياء من الأفضل أن تُترك كما هي، وبعض الشخصيات لا يجب أن يلوى عنقها لتفصح عن المزيد، فالضرب في الميت حرام.

أعجبني جداً لكوتزي "
في انتظار البرابرة" و"فـو" (قد تُقرأ "Foe" على أنها اختصار لاسم دانييل ديفو كاتب رواية "روبنسون كروزو"، وقد تُترجم "عدو"). أما روايته "العـار" فقد جاءت مكثفة وصادمة. أحاول أن أكتب انطباعاتي عنها هنا ولكني لا أستطيع. يجب أن تجرب كوتزي بنفسك بدون آراء مسبقة من أحد.

اشتريت رواية سمية رمضان "
أوراق النرجس" لأني سمعت الكثير عنها، وعندما اشتريتها وجدت أنها حاصلة على جائزة نجيب محفوظ للرواية القصيرة...أو شيء من هذا القبيل. لم أفهم شيئاً ولم أشعر بأي شيء أثناء قراءتي لهذه الرواية، التي تركت لدى انطباعاً أن الكاتبة لا يعنيها القارئ، فهي غير مكترثة بإشراكه في الحكاية (إذا كانت هناك حكاية)، فتكتب بمصطلحاتها عن نفسها وعالمها وتلقي بهذا كله في وجهك كأنها تقول: "ورينا شطارتك!" تعجبت جداً من موضوع الجائزة هذا، وأحسست أن هناك شيء ما لم أفهمه وفهمته لجنة التحكيم وبناء عليه منحتها تلك الجائزة.

حاولت أن أقرأ "دنيا زاد" ل
مي التلمساني ثلاث مرات، وفي كل مرة ينقبض قلبي ويصيبني الملل في منتصفها (على الرغم من أنني قارئة صبورة)، فهجرتها غير مكترثة بمصير أبطالها أو بمعرفة نهايتها (وهذا شيء صعب جداً علىّ لأنني فضولية بطبعي). ثم قررت أن أعطي مي فرصة أخرى وأقرأ روايتها "هليوبوليس". امممم...هناك بعض الأجزاء الجيدة في الرواية، ولكن بشكل عام لم استمتع بها، ونسيتها بعد بضعة أيام من قراءتها. وأنا أُعد هذه التدوينة وجدت هذا النقد الجاد للغاية لقصة "دنيا زاد".

لا أعرف على وجه التحديد لماذا أشتري كتب بعينها، رغم عدم معرفة مسبقة بالكاتب أو الكاتبة، ولكني أعتبر نفسي من ضحايا البروباجاندا الثقافية، فيصيبني الانزعاج الشديد من كثرة قراءة اسم رواية جديدة أو كاتب "شاب" ما في كل الجرائد والدوريات الأدبية فأقرر أن أشتري هذا الكتاب أو ذاك لأرى بنفسي. كما يغيظني للغاية أن أجد هنا اسماء أقل ما يقال عنها إنها مغمورة، وسرد كامل لقصص حياتهم، ولا أجد يحيى الطاهر عبد الله، أو مزيد من التفاصيل عن عبد الرحمن منيف أو محمد المخزنجي.

كتبت اتيل عدنان روايتها القصيرة "
الست ماري روز" بلغة عربية محكمة، لم أقرأ مثلها منذ فترة. القصة مكثفة للغاية والكلمات تسكن السطور بوداعة؛ كل كلمة في مكانها، لا كلمة زائدة ولا أخرى ناقصة. تحكي عن بيروت والحرب الأهلية، ومن إحكام كتابتها أعرف كم تألمت.

شدني اسم رواية
سلوى بكر "العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء" لما للعربات الذهبية من معانٍ وإيحاءات أدبية وتاريخية كثيرة، فأردت أن أعرف لماذا لا تصعد العربة الذهبية للسماء. نجحت سلوى في إرغامي على التهام الرواية، فهي تحكي الحكاية تلو الأخرى بطريقة "الموجة بتجري ورا الموجة"، مما دفعني للسباحة بين الأمواج بمنتهى الاستمتاع.

وعندما لم تستطع أمي لأيام التوقف عن الحديث عن رواية سلوى بكر "
البشموري"، كان يجب أن أقرأها بسرعة قبل أن تقرر أمي أن تحكيها لي. أعجبني جداً تنوع سلوى في أسلوب السرد مع تنوع ظروف بطل الرواية. لن أستطيع أن أفسر أكثر من ذلك لكي لا أفسد عليكم متعة قراءتها. احترمت سلوى جداً لأنها قامت بكثير من البحث والدراسة قبل أن تكتب هذه الرواية الدسمة.

أمسك
علاء لسانه بالعافية عندما عرف أنني بلغت من العمر أرذله ولم أقرأ "هاري بوتر" أو أشاهد أي من أفلامه بعد، وأصر على أن يعطيني أول ثلاثة أجزاء "علشان يا دوبك تبقي على نفس المستوى الثقافي". لا أعرف فعلاً لماذا لم أكن قد قرأت "هاري بوتر" حتى الآن، ربما لأنني غالباً ما أنفر من الكتب التي تثار حولها ضجة عالمية كبيرة، والتي يزعم البعض أنها غيرت العالم، لأنه غالباً أيضاً ما تُحبطني هذه الكتب عند قراءتها، لذلك قرأت "الخيميائي" لكوهلو و"النبي" لجبران في وقت متأخر جداً من حياتي (ولم يحدثا فيّ الأثر المطلوب)، كما لم أشاهد فيلم "ماتريكس" أو "حرب النجوم" حتى الآن. نجحت جيه. كيه. رولينج في الجزء الأول "هاري بوتر وحجر الساحر" في الزج بي في عالمها الخيالي، فرجعت طفلة بعيون واسعة تقرأ بسرعة لتعرف كيف سينجو هاري وأصدقائه من الورطات التي تعترضهم. حاولت أن أقرأ الجزء الثاني ("هاري بوتر وغرفة الأسرار") ولكن كانت هناك الكثير من الكتب حولي (تحت وسادتي، فوق وسادتي، بجوار سريري، تحت سريري، على مكتبي، في المكتبة) تنتظر دورها. هل صحيح فعلاً إنك إذا قرأت جزء من هاري بوتر فكأنك قرأت كل الأجزاء؟

مررت مرور الكرام على رواية محمود الورداني "
الروض العاطر". لا أذكر عنها الكثير الآن. قال لي البعض إنها رواية جيدة ولكن يبدو أنني قرأتها في المزاج الخطأ، فلقد أنهيتها بسرعة وأغلقتها ووضعتها جانباً وتبخرت من عقلي.

سمعت كثيراً عن
عبد الرحمن منيف، ولكن كان حجم روايته "مدن الملح: التيه" مثبطاً للعزم. تشجعت وأخذتها معي للمصيف. رغم معرفتي القليلة باللهجة السعودية، إلا إنني عانيت من فهم بعض المواقف في الرواية. ولكن منيف نجح بأن يأتي إلىّ بالصحراء على شاطئ العلمين...ببدوها وجوها وصراعاتها وقبائلها. كانت رواية مجهدة للغاية ولكن أظن أنها تستحق كل هذا الجهد.

وشت بي إحدى صديقاتي وقالت
لإبراهيم فرغلي (روائي وصحفي بصفحة الأدب بالأهرام) إنه إذا أراد أن يكتب عن المدونات الأدبية فيجب أن يتحدث معي. كان إبراهيم يعد مقالاً عن المدونات لجريدة النهار اللبنانية. أقاوم بعنف فكرة الكتابة عني أو أن أتحدث بالنيابة عن المدونات الأدبية. ظللت أردد "مش عايزه مش عايزه" حتى أقنعني إبراهيم ووعدني أن يريني ما سيكتبه قبل نشره. لم أكن أعرف الكثير عن إبراهيم، ولكن أتذكر إن من سنتين كانت صديقتي تلك قد حكت لي عن روايته "ابتسامات القديسين" وكيف إنها حاولت ترجمتها. في الساعة الأولى من مقابلتي مع إبراهيم حكى لي عن تجربته مع الكتابة، وعن تقسيم الكتاب المصريين إلى جيل الستينيات، والسبعينات، والثمانينات، والتسعينات. طبعاً أنا لم يكن عندي أدنى فكرة عن مثل هذا التقسيم، فدراستي في الجامعة انحصرت في الأدب الإنجليزي، مع بعض نماذج الشعر الجاهلي وبعض المقتطفات من "ألف ليلة وليلة". عدت للقراءة باللغة العربية في عام 2003 بعد سنوات من التوقف، وكانت قراءاتي قد توقفت عند إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي و"بالعافية" ثلاثية نجيب محفوظ (حتى لا أغتاظ كلما ذكرها أحد أمامي)، وعندما عاودت القراءة بالعربية انحصرت في توصيات أصدقائي الذين أثق في ذوقهم، بدون أي مخاطرات أو مغامرات من جانبي. كان لقائي بإبراهيم، وذكره لكل تلك الاسماء والأعمال، التي لا أعرف عنها شيئاً، مبهراً بالنسبة لي، خصوصاً أن إبراهيم حكاء من الطراز الأول. وبعد لقائنا ونشره للمقال قررت أن أتلصص على كتابته هو شخصياً فقرأت له "ابتسامات القديسين"، وحيث إنني أعرف الكاتب فشهادتي مجروحة.

وطبعاً سمعت كثيراً عن سحر الموجي، ورأيتها في الكثير من الحفلات وصور المظاهرات، فهي صديقة لإحدى صديقاتي. كلما قابلت صديقتي تلك في أي مناسبة قالت: "تعالي أعرفك على سحر الموجي" وكل مرة كنت أقول: "لأ بعدين...مرة تانية". ثم وجدت لها روايتها "دارية" التي نصحني بها الكثير. طوال قراءتها وأنا أتنهد، يا الله، لماذا نتشابه هكذا؟ لماذا يصر الرجال في حياتنا على "تدبيس" أجنحتنا؟ لماذا يتوجب علينا أن نذهب بعيداً جداً لنجد أنفسنا...أو نضيعها؟ رأيت سحر بعد ذلك في حفلة لفرقة إسكندريللا بالساقية وذهبت لأتعرف عليها. "جناحاتك جناحاتك: إن صنتي صانت وإن خنتي خانت". حلوة منك يا سحر.

طلب مني أحد الأصدقاء مؤخراً أن أقترح عليه قائمة بكتب عربية يأخذها معه أمريكا ليزجي بها الوقت هناك. شملت قائمتي رضوى عاشور، ولطيفة الزيات، وحنان الشيخ، وسلوى بكر، وسحر خليفة، وسحر الموجي، فعلق صديقي: "ليه كلهم ستات يعني؟ إنتي feminist ولا حاجة؟" استوقفني سؤاله، فأنا لم أنتبه قبل ذلك لكون أغلب قراءاتي مؤخراً "نسائية"، وأدركت أنني أردت أن أرى كيف تتكلم النساء باللغة العربية، أين نلتقي وأين نبتعد، وخلصت إلى أننا نشبه بعض بتباين كبير جداً، وأن أغلبهن أصبحن—دون علمهن—من أصحابي الخياليين.


(ملحوظة: كان يجب أن أنتهي من هذه التدوينة وأنشرها في مايو الماضي، ولكن قوى الطبيعة كانت ضدي).

Tuesday, September 19, 2006

الآيس كريم أفضل من الحب


عشرة أسباب مقنعة:

1. الآيس كريم لا يكلفك شيئاً...تقريباً.

2. لن تدخل في صراعات درامية إذا ما أخذت آيس كريم شخص آخر (غيري أنا طبعاً).

3. لن تغار على الآيس كريم من باقي أصدقائه الآيس كريمات في الثلاجة، أو تشك في سلوكه.

4. لن تنتابك رغبات محمومة في السيطرة على الآيس كريم وتغيير شخصيته.

5. لن تفكر بالساعات فيمن سيأكل الآيس كريم غيرك، أو من أكل منه قبلك.

6. لن تسهر طوال الليل تفكر لماذا لم يرد الآيس كريم على اتصالك.

7. لن تحتار في كيفية التعبير عن مشاعرك للآيس كريم، ولن تفكر لأيام طويلة كيف تقول للآيس كريم إنك لم تعد تحبه بل أصبحت تميل للشوكولاتة أكثر.

8. لا يجب أن تعرف أهلك على الآيس كريم.

9. يمكنك أن تحصل على أكثر من نكهة في المرة الواحدة، أو نكهة مختلفة في كل مرة، بدون أن يظن أحد أنك خائن أو متلاعب أو "بصباص"...قد يظنونك فقط نهماً.

10. وأفضل ما في الآيس كريم أنه عندما تريده يمكنك أن تحصل عليه ببساطة من أي مكان وفي أي وقت.

Tuesday, August 01, 2006

من أجل لبنان


يمكنكم بسهولة التبرع من خلال موقع الصليب والهلال الأحمر اللبناني هنا. كل ما تحتاجه هو بطاقة ائتمانية وبضع دقائق. تبدأ التبرعات من 15 دولار أمريكي.

_____________________


نقلاً عن مصراوي:

في إطار حملة دولية وعربية لإنقاذ لبنان ومساعدته في الصمود أمام الهجمات الاسرائيلية الوحشية، أطلقت العديد من المؤسسات والمنظمات والهيئات حملات لجمع التبرعات وارسالها إلى لبنان، وللراغبين في التبرع عليهم متابعة البيانات التالية:

يمكن التبرع من مصر فى حساب السفارة اللبنانية لإغاثة لبنان رقم 156156002 في أي فرع من فروع بنك مصر و كذلك بنك قناة السويس رقم الحساب : 21090/1/0

و فى نقابة الأطباء لجنة الإغاثة في النقابة التبرع في مقر النقابة - دار الحكمة- شارع القصر العيني - رقم التليفون 7943166 - 7943812
www.amu-egypt.com - amu@islamway.net

بنك الكويت والعالم والعربي

- SWIFT: BKAWLBBE - بيروت، لبنان - اسم المستفيد : Green Line Association

رقم الحساب:10USD4612006189003

للتحويلات بالدولار الأمريكي

Bank of New York ، New York USA ،SWIFT: IRVTUS3N

HSBC Bank New York USA SWIFT: MRMDUS33

American Express Bank Ltd. New York USA SWIFT: AEIBUS33

للتحويلات باليورو، مراسلين في فرنسا وألمانيا

Societe Generale Paris - France SWIFT

: SOGEFRPP

Dresdner Bank AG Frankfurt - Germany SWIFT: DRESDEFF.

الصليب والهلال الأحمر اللبناني

Banque Nationale de Paris Intercontinentale ، Agence Centrale – Beirut (BNPI)

Account No. 09365-128012-00185

كما يمكن الاتصال بهم على أرقام التليفونات التالية +961-1-372166 372802/3/4/5



كاريتاس – فرع لبنان

(Société Générale de Banque au Liban (SGBL

Compte en $: 001,004,360,208002,01,1---

كما توجد أرقام حسابات أخرى على موقعهم


مؤسسة التضامن الشعبي
رقم حساب مؤسسة التضامن الشعبي للخدمات الصحية بنك بيروت 1140136211200 ( $ ) عملات أجنبية ، هاتف - 725254- 7 – 00961

الحساب المصرفي لبلدية صيدا

Inter Continental Bank of Lebanon S.A.L

Suift Code: inlelbbe a. c: 0100013000074328011

كما فتحت نقابة الصحفيين المصرية رقم حساب لإغاثة الشعب اللبناني وهو "01012551377"

Wednesday, July 12, 2006

يوم ما اتاكل التور الأبيض



...كان ياما كان، يا سعد يا إكرام، ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام

كان في تلات تيران عايشين في غابة، واحد أبيض وواحد أحمر وواحد أسود، وكان عايش معاهم في الغابة أسد لكن ماكانش بيقدر عليهم لإنهم كانوا متجمعين مع بعض عليه. الأسد قعد يدحلب ويتسحلب لحد ما بقى صاحبهم ورايحين جايين سوا طول النهار، وسهرات وخروجات وعزومات ياما! وفي يوم من الأيام الأسد اخد التور الأسود والأحمر على جنب وقال لهم: "ماحدش فاضحنا في الغابة دي غير التور الأبيض! لونه أبيض كده وملعلع وحيخلي الصيادين ياخدوا بالهم مننا وباقي حيوانات الغابة يحسدونا! لكن أنا وانتم ألواننا قريبة لبعض، بأقول إيه...سيبوني آكله علشان نقدر نعيش في الغابة مطمنين وكافيين خيرنا شرنا

"!قالوا له: "لأ إذا كان فاضحنا وغرضك أمننا وسلامتنا...يبقى تاكله طبعاً

.وفعلاً الأسد ماكدبش خبر واكل التور الأبيض

عدت الأيام في السهرات والخروجات والعزومات، وفي يوم كده الأسد اخد التور الأحمر على جنب وقال له: "التور الأسود ده صوته عالي أوي وهيلم علينا الصيادين، لكن أنا وأنت صوتنا رقيق! أنا بأقول آكله عشان نقدر نعيش في هدوء والغابة ماتقولش علينا إرهابيين


"!التور الأحمر وافق: "ده كله إلا الإرهاب يا جدع

.والأسد ما كدبش خبر واكل التور الأسود

مافيش كام يوم، والأسد والتور الأحمر قاعدين يشيشوا، الأسد زغر للتور الأحمر وقال له: "بأقولك إيه يا تور أنت...أنا هآكلك! طلبت معايا آكلك!"

".التور الأحمر قال: "طيب خليني أصوت على نفسي تلات مرات...إكمن مافيش تور فاضل يصوت عليا

الأسد قال له يصوت على بال ما يخلص حجر المعسل

"!قام التور الأحمر رقع بالصوت: "يا خيبتك يا أحمر يا خيبتك...يا خيبتك! أنا اتاكلت يوم ما اتاكل التور الأبيض

__________
القصة الأصلية منسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكني أعدت صياغتها. وردت القصة في كتاب مجمع الأمثال للميداني والمستقصى في أمثال العرب للزمخشري

Saturday, July 01, 2006

بالأمس حلمت بالبطيخ


أتمدد على سريري في شبه إغماءة رافعة قدمي على وسادة لتكون أعلى من مستوى جسمي. الدنيا حر...حر...حر. يؤلمني الحر جداً لأنه يخفض ضغطي المنخفض بطبيعته، وتتورم يدي وقدمي من الرطوبة. أمارس هوايتي المفضلة في ظل هذه الظروف: الحملقة في السقف. زينت سقف غرفتي بالنجوم والزهور الفسفورية. كيف نسيت الفراشات؟ لماذا لا توجد فراشات فسفورية بجوار الزهور الفسفورية؟ على العموم هذا خطأ يمكن تداركه. يا رب...يا رب بطيخة...وتكون ساقعة يا رب. أركض في دماغي خلف فقاقيع الصابون. فقاقيع...فقاقيع...فقاقيع. إيه الكلمة دي؟ بلالين أحسن. بلالين الصابون. الصابون...الصابون...الصابون. إيه الكلمة دي كمان؟ ماله الكلام عامل كده ليه؟ إني أسبح في المهلبية تماماً. كم سيكون رائعاً لو عملت في مجال بلالين الصابون: أجلس على دكة خشبية تحت شجرة ظليلة وأمامي صندوق خشبي عليه جردل كبير، وأكواب بلاستيكية، وقطع من خرطوم بلاستيكي. يأتي الأطفال ساعة العصاري ليشتروا مني أكواب الصابون، المخلوط بقليل من السبرتو، فهو الذي يجعل البلالين ملونة، هذا هو سر الصنعة، ولذلك يأتي الأطفال ليشتروه مني دوناً عن باقي بائعي البلالين. يغطسون أطراف قطعة الخرطوم في كوب الصابون، وينفخون ملايين البلالين. أحذرهم من شرب الصابون أو السبرتو لأن ذلك سيجعلهم لا يستطيعون أكل الآيس كريم أو الجيلي طوال حياتهم. يسددون ثمن البلالين بشقق من البطيخ. أقضي الصيف كله في بيع البلالين وأكل البطيخ على الدكة.

يدق جرس الباب. اللعنة! ا-ل-ل-ع-ن-ة بجد يعني! من الطارق الداعي الذي جاء ليفرقع مشروعات البلالين؟ أقوم ببطء شديد محاولة ألا يغشى علىّ. أجلس مستقيمة على السرير وأضيق عيني لتذهب النقط السوداء التي ظهرت أمامي فجأة. الضغط الواطي هيفضل طول عمره واطي يا جدع.

أفتح الباب لأجده أمامي بتعبير في منتهى الجدية: "كل الناس بتقول إنها بتحبك، لكن أنا الوحيد اللي جبت لك بطيخة ساقعة".

أشب على رجلي لأطبع قبلة على خده وأسحبه من يده للمطبخ. أقسم البطيخة نصفين وأعطيه نصفها وآخذ الآخر. أفتح باب الثلاجة ونفترش البلاط البارد أمامها ونأكل البطيخ بمغارف الآيس كريم.

"أنا كنت في السرير باحلم بالبطيخ والبلالين".

"ليكي عين بعد كده تقوليلي إني مش فارس أحلامك؟"

"لأ ماليش...من هنا ورايح إنت فارس أحلامي...البطيخية!"

Wednesday, June 21, 2006

الشباب الدائم للألوان


تنتقل بخفة بين المطبخ ودكان الورد والشرفة والسحابة وغرفة المعيشة. ورائها تهرول قصاصات من الورق، ورائحة خبز دافئ، وصوت العصافير وهي تشدو بنشيدها القومي. يشدها من ذيل فستانها ويخرجها من دوامتها ليسأل: "لماذا لا تشيخ الألوان؟"

تنهدت. وضعت جانباً غربال الأحلام ولملمت أطراف جناحها وجلست القرفصاء على كتفه، وأحضرت البطة لتطعمها، حتى لا تتوقف عن ممارسة حياتها في خضم كل هذا الكلام. "يا عزيزي، الألوان لا تشيخ أبداً لأنها تعرف نفسها جيداً؛ تعرف ماذا تستطيع أن تفعل، وماذا تريد أن تكون".

يطرق ويتوسد خده كفه. "أنا لا أفهمك".

"لماذا؟ اسمعني: يهدر الإنسان عمره وهو يحاول أن يعرف ماهيته، وهو يحاول أن يبحث عن طريقه، وهو يحاول أن يكون شيئاً آخر. ولكن هذا الموضوع محسوم بالنسبة للألوان. أجل، حتى الألوان الباهتة، أو تلك المشتقة من درجات أخرى، ترى نفسها على حقيقتها، وتفهم دورها جيداً، وتعرف من بالضبط يستطيع أن يبصرها، ومتى يمكنه ذلك".

"هل من الطبيعي أن أتمنى أن أكون لوناً؟"

"بالتأكيد! أنا عن نفسي أتمنى أن أكون لوناً أخضراً بطعم الشمام المثلج!"

نظر لصورته في عينيها وقال: "أنا محتاج أوي أزغزغك دلوقتي".

Friday, June 09, 2006

عن نبع يترقرق وغابة تحجرت


على الشاشة فيلم مغربي كئيب، وعلى الأريكة عاشقان في عناقٍ متهادٍ. تريح رأسه على صدرها وتقبل جبهته مرة، واثنتان، وثلاث. وعندما يسقط في النوم تظبط إيقاع نبضات قلبها وتستكين، كي لا يقلق منامه شيء. ثبتت المشهد على الشاشة حين أدركها الظمأ وأجهدت عيناها الظلمة. تمنت لو تُـثَـبِّـت عناقهما هذا أيضاً، فيظلان هكذا للأبد: هو نائم على صدرها، وهي تقبل جبهته مرة، واثنتان، وثلاث. سيُظلِم العالم من حولهما، ويستريح التراب فوقهما، وتغط حيوانات المنزل الأليفة على رأسيهما، ولكن لن يفارق هو حضنها، ولن تشتاق جبهته لشفتيها. وبمرور الزمن تصير هي النبع الذي لا تعرف غابته غيره، فتترقرق ويتحجر، حتى يفلتهما الزمن من قبضته.

Friday, June 02, 2006

هكذا تكلمت القطة المشمشي


أليس قالت تسأل القطة المشمشي لإن باين عليها بتفهم: "ينوبك ثواب...تقدري تقوليلي آخد أنهي سكة علشان أطلع من هنا؟"

القطة المشمشي ردت على أليس رد مُفحِم: "والله ده يتوقف على إنتي عاوزه تروحي فين أصلاً".

"مش فارقة معايا أوي الصراحة..."

"يبقى مش هتفرق معاكي السكة اللي هتاخديها".

أليس اتخضت: "أيوه...بس أنا عاوزه أطلع من هنا، وأوصل في الآخر لمكان معين يعني!"

القطة المشمشي ضحكت كده وقالت: "ما تخافيش...أكيد هتوصلي في الآخر لمكان معين...لو مشيتي كفاية".

________

ترجمة بتصرف لـقطعة من الفصل السادس من "أليس في بلاد العجائب" للويس كارول.


Sunday, May 28, 2006

تناتيف من غزل البنات


أقف في وسط الشارع أمام الأكياس الوردية والزرقاء وأقرر: "عاوزه غزل البنات" فيشتري طارق لنا جميعاً غزل البنات. نسير في شوارع وسط البلد متلذذين بالسكر الهش، منبهرين بتحطيم أحد المحظورات وشراء غزل البنات "من الباعة الجائلين". يقتسم طارق كيسه مع بائع للجوارب وآخر للساعات الصينية، ونكمل طريقنا بتمهل رغم أن على أغلب البنات الإسراع للحاق بآخر "شبشب" في البيت. تقترح هبة أن نتفق يوماً على أن نتوه سوياً في وسط البلد فأوافق فوراً.

وسط البلد بعد الحادية عشرة مساءً وبعد حفل في التاون هاوس ووسط مجموعة—مختلفة جداً ولكن متشابهة جداً—من أقرب الناس إلى قلبي وأناس آخرين أعرفهم بالكاد. في أجمل من كده؟ أتذكر أن في مكان قريب منذ عدة أسابيع أخذوا علاء وآخرين. آخر مرة كنت عند منال وعلاء في البيت جلس ثلاثتنا لأكثر من نصف ساعة نتحدث عن موضوع يهمنا للغاية: القطط. أخذنا في تبادل النوادر القططية بينما جلست قطتهم "كبسولة" على رجلي تنظر لي بوَله ولا مبالاة في نفس الوقت. تبهرني هذه النظرة لدى القطط، يبدو لي وكأنهم يقولون: "حِبّني! حِبّني حالاً! لكن لو ما حبتنيش مش مشكلة، طز فيك، أنت أصلاً ما تستاهلش إنك تحبني". أهداني علاء يومها أسطوانة مدمجة عليها مجموعة ضخمة من القصص المصورة الأجنبية ليعالج جهلي بهذا الفن، رغم أنني طلبت منه فقط قصص بطوط وسونيا وعم دهب.

من منال وعلاء أتذكر محمد عندما رأى صورة "أوز-أوز" قطي الجديد: "شكله شرير...مش مستريح له"، ومن وقتها وأنا لا أحب هذا القط. ربنا يسامحك يا محمد!

بين العمل، والكورسات، والتاون هاوس، والساقية، والأصدقاء، والبروفات، والترجمة...تمر الأيام. هناك شيء قاسٍ جداً في مرور الأيام بمنتهى العادية. إيه الدنيا دي؟ لماذا لا تتوقف وينقلب كيانها لتشاركني حزني؟ هل هي حقاً لا مبالية؟ أم هي مثلي: تستيقظ كل يوم وتمارس حياتها العادية وتحاول ألا تتوقف عند ما يؤلمها؟

عند مفترق طرق تهل علينا رائحة الفُل فأنسى أن أعبر الشارع. أقف على الرصيف أنظر حولي، وإذ بسيدة في سيارة بطيئة للغاية تلوح لي وللكهل الواقف بجواري بعصبية شديدة: "وسعوا! وسعوا!" لا نعيرها اهتماماً (فنحن نقف على الرصيف، نوسع نروح فين؟) ولكن بعد أن تمضي يبدأ الكهل في سبها: "يا بنت وبنت وبنت! فاكرة نفسك راكبة طيارة؟!"

أسير مع أصدقائي وأنا أدندن بالـ"الليلة الكبيرة". تظن أن شخصاً ما لديه بعضاً من نور ونار، ثم تصحو في يوم لتكتشف أنه مجرد قطعة أخرى من الطين. ومع ذلك يمكنك بمنتهى السهولة أن تجد مئة سبباً لتحب شخصاً ما، كما يمكنك في نفس الوقت أن تجد مئة سبباً لكراهيته، إذا أردت...إذا أردت.

تنقذني القراءة و"Friends". في أسبوع واحد أنتهيت من ثلاثة كتب وشاهدت أول موسمين، وعندما أكتشفت (وأنا في أول موسم) أن الموسم العاشر لا يعمل، أتصلت بصديقي، الذي احضر لي المجموعة الكاملة، وأنا منهارة: "سيزون عشرة مش شغال! مش شغال!" ولأن صديقي هذا تزوج مرتين وطلق مرتين، فهو متمرس في مهارات النسيان، لذلك في اليوم التالي أعد لي الموسم العاشر على وجه السرعة. أنا لم أكن أبداً الشخصية الـFriends، ولكن تحتم عملية مسح الدماغ بعض الإجراءات الجذرية.

نلح على هبة أن تأتي لترى البروفات، ويحاول طارق إقناعها: "لازم تيجي! هتشوفي عبط الدرفيل". نضحك أنا وهبة، بينما أحاول أن أفكر في البروفات وعلاقتها بالدرفيل، أو أن أتذكر أي شيء عن درفيل عبيط. يشرح طارق: "عارفه الدرفيل لما يكون متقل في الأكل، وماشي في البحر مضيّع؟ آهو هو ده عبط الدرفيل!"

وهكذا...أبدأ عامي التاسع والعشرين وأنا في كامل جنوني. يتصل بي الأصدقاء عبر المحيطات والبحار والأنهار والكباري ليهنئوني، فانفجر في البكاء لامتناني الشديد لمجرد وجودهم في حياتي. أنا محظوظة جداً...جداً جداً جداً، فلقد سقطت من الدور الثلاثين على وسادة حانية كبيرة من الأيادي المتشابكة. ما بين الطبطبة والركلات والأحضان والكلام والكلام والكلام والسكوت، والرسائل والمكالمات، وفوق الكثير من الأكواب والفناجين والكئوس والأطباق وأعقاب السجائر، تدثرت بغطاء سميك قوامه كل هذا الحب، ورحت في نوم عميق.

Wednesday, April 26, 2006

فوضى التكوين


الضباب الأصفر الذي يحك ظهره على إطار النافذة،
الدخان الأصفر الذي يحك أنفه في إطار النافذة،
لعق بلسانه أركان المساء،
تريث قليلاً عند البحيرات الصغيرة في البالوعات،
ترك رماد المداخن يسقط على ظهره،
وعندما وجد أنها إحدى أمسيات أكتوبر الناعمة
التف حول المنزل، وراح في النوم.

(
ت. س. إليوت -"أغنية بروفروك للحب")

تعرفي إيه عن الخيانة؟

من السهل على الإنسان...

واحدة واحدة!

من...

واحدة واحدة!

ميم...نون

أنا كبايات عصير قصب مليانة ع الآخر أنا كبايات عصير قصب مليانة ع الآخر أنا كبايات عصير قصب مليانة ع الآخر أنا كبايات عصير قصب مليانة ع الآخر أنا كبايات عصير قصب مليانة ع الآخر

- مالك تنحتي كده ليه فجأة؟

- هه؟

- تنحتي كده ليه؟

- باكتب

- بتكتبي فين؟!

- في دماغي.

والخلق ما بتشربش.


- ...حاسة إنه مهجور...
- لا أبداً...هو شوية إضاءة ويبقى كويس أوي!
- أنا كنت باتكلم عن قلبي...


أنا بحب الأبيات دي أوي...ودايماً لما باقراها باحس إنه بيتكلم عن قلبه...


فيرجينيا كانت بتسمع أصوات...ما فهمتش إيه المشكلة يعني لما تسمع أصوات...لكن أول ما بدأت اكتب فهمت...وما بقتش أشيل حاجات تقيلة في جيوبي...

حاسة إني تلاجة...مقفولة...ومخزنة الحاجات جواها...وبتفتح حتة صغيرة أوي...تديك حاجات باردة ومالهاش طعم...وكل اللي بتاخده بتبرده وتشيله.

عارفه إن إليوت كان في مصحة عقلية؟


- ساعات بابقى نفسي ادوس بنزين على الآخر واسيب الدركسيون واغمض عينيا
- ودلوقتي من الساعات دي؟
- ها ها ها...لأ...أنا عندي اجتماع مهم بكره عاوزه أكون موجودة فيه بشحمي ولحمي.


"كتابة علاجية؟ هأو أو أو...شي الله يا علاجية!"


حلمت إني جيت اروح الشغل الصبح، نزلت لقيت عربيتي اتسرقت، قعدت أعيط أعيط أعيط ومحدش في الشارع شايف إني باعيط...وصحيت لقيت عينيا منفخة...


"لأ لأ...حاسة زي ما أكون حتة خشبة ناشفة...عندها استعداد تام للاشتعال في أي لحظة."


- سامع الصوت ده؟
- صوت إيه؟
- صوتي...وأنا باتفتت...حتت صغيرة...صغيرة...

أنا مش باحبك...بس باتبخر


بيقولوا إن مضاد الاكتئاب بيخليكي تقومي من السرير وتروحي الشغل...إزاي يعني؟ هيلطشك قلمين طاخ طيخ ويديكي شلوت ويقول لك قومي فزي من السرير عيشي حياتك؟ وإلا هيصحيكي من كتر الزغزغة؟


دماغي ترابيزة بلياردو: أفكر فكرة...تخبط في باقي الأفكار وتبعزقها يمين وشمال...آجي اضرب فكرة منهم علشان تنزل في البوكيت...تقوم تفلت وتخبط في فكرة تانية ما كانش قصدي أخبطها...وفي الآخر كل الأفكار على الترابيزة ومفيش ولا واحدة متأكدة من إنها خلاص في البوكيت ومش هاشوفها تاني أبداً.


...اللي اتجوز واللي خلف واللي "اطلق لحيته" واللي بقت دكتورة في الجامعة...ولما سألوني وإنتي عاملة إيه قلت لهم أنا زي ما أنا...وحسيت إن في صاعقة هتنزل من السما على راسي علشان دي أكبر كدبة كدبتها في حياتي...أنا أكيد مش زي ما أنا...


فجأة لقيتني في عز حياتي
ضاعت مني ثواني كتيرة

(أمين حداد – "ثواني كتيرة")

- مش عارفه إيه الحكاية...المدير شكر فيا في الاجتماع...حلمت يومها بليل إنه مات...اداني ترقية...حلمت إن أمه ماتت! وفي الحلمين قعدت اعيط اعيط اعيط وباحاول اصرخ ومحدش سامعني.
- مش ملاحظة إن الحلم ده اتكرر بتنويعات كتير؟
- أنا ماعنديش أحلام بتتكرر...هو بس حلم النمر اللي بيجري ورايا وبيت جدتي في أبو قير اللي بيتحرق.


في عمر بيولوجي محدد لجسم الست.


أنا فكرت في الدوا ده فترة...بس بيقولوا إن مفعوله بيبدأ بعد تلات أسابيع...مالوش لازمة...أنا عاوزه حاجة تعمل مفعول فوري...


والدمع اللي في عيني بيوجع
ما بينزلش...وما بيطلعش

(أمين حداد – "ثواني كتيرة")


"بتعيطي على إيه؟! هه؟! أمك ماتت؟ هه! ردي عليا!"


-...وفي نغزة في قلبي مسمعة في كتفي، وكتفي أصلاً كله شادد!
- أحسن حاجة تعملي إكس راي
- على القلب؟
- على الكتف يا بنتي!


لاحظت إني دايماً باقول الحاجات مرتين: أيوه أيوه...ياللا ياللا...لأ لأ...أو تلاتة: اعيط اعيط اعيط...اصرخ اصرخ اصرخ...اضحك اضحك اضحك...تفتكر ليه؟


- أنا عاوزاك تجيبلي شتلة ورد.

.......

- شتلة الورد ماتت.
- ما تشوفيش الميتافور في كل حاجة.


أنا أكون
أنت تكون
هو يكون
هي تكون
نحن نكون
أنتما تكونان
أنتم تكونون
هم يكونون


- تفتكري هنبقى زي الست دي لما نكبر؟
- لأ...أنا هابقى مختلفة أوي...كحل أسود...روج أحمر...شعر أسود ليل...طويل شوية...كعب عالي على طول...حريقة سجاير...نضارة سودا...مانيكير أحمر للأبد...شخصية صامتة كده وعدوانية وغير اجتماعية
- امممم...أنا مش حابّة الصورة دي ليكي في المستقبل...هنبقى أصحاب ساعتها يا ترى؟
- لأ...قدامي كتير علشان أوصل للمرحلة دي...ساعتها هيكون في ناس كتير أوي لعبت لي في دماغي...وشخبطت لي على أحلامي...وهاكون خسرت ناس كتير...بس هيكون لسه عندي قطة...

روح العالم يا سيدي إديتني بمبة المره دي. موضوع السفر اتلغى. لقوا مترجمة محلية عندهم وده طبعاً أرخص بكتير. أُحبطت أنا جداً طبعاً. يعني هو أنا مش زعلانة بس محبطة. بس أنا غلطانة إكمني عشمت نفسي أوي يعني. حقتي كنت تظاهرت باللامبالاة فروح العالم تفتكر إني مش مهتمة فبالعند فيا تديني اللي أنا متظاهرة إني مش عاوزاه.

الشعر عيرة والكحل عيرة
والورد فوق الخد
ولحد الضفيرة عيرة
الصبر عيرة والضحك عيرة
والفرح والأحزان كمان وحاجات كتيرة
حتى الحنان جوه البيوت
حتى الكلام...حتي السكوت
حتى الهتاف جوه المسيرة برضه عيرة
...
ما بقيتش شايف إيه اللي جاي وإيه اللي فات
ما بقيتش افرق
ده أزرق ده ولا أحمر رمادي
ودي كارثة ولا ده وضع عادي
...
وده إحنا ولا الكل حاير


(علي سلامة - "عيرة")


...فسألني إنتي ليه بتكتبي بالإنجليزي؟ هل علشان تحطي مسافة بينك وبين اللي بتكتبيه؟ سكتت ساعتها خالص...وبعدين قعدت وقت طويل أوي أفكر في المسافات التانية...اللي حطتها واللي لسه باحطها...بيني وبين الناس...بيني وبين نفسي.


"فاكر في فيلم "آميلي"...لما بص لها قامت ساحت واتدلدقت ع الأرض؟"

أنا من ضيقي
فضلت طول عمري اتكلم
ونسيت البوح

(
أحمد نصر - "غربة قديمة")



عاوزه أقف فوق الجبل ده واصرخ بعلو صوتي: "فلتحل الفوضى على العالم...وليخرس الجميع إلى الأبد!"


Sunday, April 02, 2006

سقط سهواً


تُبعثر أيامها وهي تفكر في احتمالات نجاح أو فشل الحب. على منضدة الكشف تُحلل الكلمات وتُشَرِّح التصرفات. في خضم انهماكها يفوتها أن تمتن للحظات النجاح والفشل: يسهو عليها أنه هنا بالفعل، وتنسى أن تستكين لوجوده الذي يحتويها، وأن تختزن الضحك السهل والصمت الدافئ لتتقوت بهم في الصعوبات والبرودة القادمة لا محالة. تُدير وجهها بمرارة بسبب شيء قاله أو لم يقله فتفوتها تلك النظرة في عينيه، وعندما تعيد وجهها إليه مرة أخرى تلمح أطراف نظرته وتكون اللحظة قد مرت، فتزداد مرارتها. لا تلحظ اليوم اقترابه منها أكثر، وتركز على اليوم الماضي، الأسبوع الماضي، العمر الماضي. في أغلب الأوقات لا تعرف كيف تتصرف. تعند فتحرم نفسها من أن تعترف له أنها افتقدته. تعند مع عندها فتخرج منها "وحشتني" في منتهى الارتباك. قلة تدريب ليس إلا. مر على آخر حب الكثير...قرابة الثلاثة عقود. مشكلتها إنها تفكر كثيراً. مشكلتهما إنهما يفكران كثيراً. الرقيب الذي يتربع على كاهلهما يتربص بهما: يراقب، يحلل، يصدر الأحكام، ويأمر فيمتثلان. أين جنونها؟ اختبأ منزوياً في ركن من أركان العقل. شرط الجنون الإيمان به وممارسته. "العضو الذي لا يُستعمل يَضمُر". آه والله. تلومه يوماً وتلوم نفسها أياماً طويلة. أسعد لحظاتنا هي الآن. كيف نست أن تستمتع بحياتهما سوياً؟

Thursday, February 16, 2006

الخرتيت البمبي البطيء


إنها الحادية عشرة مساءً: الحياة تتحول للوردي ببطء. في معطف دافئ طويل، ووشاح أحمر حميم، أحتضن قطعة من جريدة بها بطاطا مشوية، وألتهمها مستمتعة بالدفء الذي تحدثه في معدتي بعد كل هذا البرد. أحاول أن أختزن في عقلي تفاصيل شارع 26 يوليو في هذا الوقت، ولكن أجدني مهتمة أكثر بالبطاطا. نصحني صديق أن أكون خرتيت، أن أضع هدف واحد نصب عيني وأركز كل طاقتي في تحقيقه، أن أكتب حتى ولو لم تحضرني الكتابة ولم أرى الحدوتة في أي شيء حولي. ألتهم قطعة أخرى من البطاطا، وأحاول أن أستحضر تدريبات التركيز: أفكر في شكل جسمي، خطوتي، حركات يدي، وتنفسي. أركز أكثر فترسل السماء رذاذاً خفيفاً يدغدغني حتى أبتسم. أفكر في عمودي الفقري: أبدأ في تلوينه بالأزرق الجميل، من أول فقرة لآخر فقرة، بهدوء وتأنٍ. فرشاة الطلاء تمر على فقراتي بوداعة، لكنها تأخذ معها الكثير مما علق بعمودي الفقري طوال الليالي الفارغة. هناك صندوق خشبي أخضر بأعلاه فتحة صغيرة. أكتب تساؤلاتي عن دوري في حياته، وحياتها، وحياتهم على أوراق صغيرة، وأرميها في الصندوق وأنساها هناك. أتنفس بعمق. أصل لمنتصف ثمرة البطاطا لأكتشف أن قلبها أحلى من أطرافها. أكمل الأطراف وأترك القلب لأختم به. آخر لقمة هي أشهى لقمة. أتلذذ بالبطء، بصوت المطر الرخيم والخطوات القليلة والسيارات المتهادية. ليس لدي شيء مهم أو فكرة جديدة، كل ما أردت أن أقوله هو إن البنفسجي يلزمه بعض الوقت ليتحول للوردي.

Monday, January 09, 2006

على الهوا سوا



بمنتهى الحيادية والموضوعية، وبعيداً عن الرز باللبن أو المهلبية، أحب اقدم لكم تسجيل حلقة "أنت تسأل والكمبيوتر يجيب" اللي أذاع فيها الأستاذ صلاح حجازي قصة "أرز باللبن لشخصين" (متبعاً مبدأ لوي الدراع)، وده علشان أنا جاتلي طلبات كتير من أصدقاء البرنامج بيعيطوا وبيطالبوا بإعادة إذاعة الحلقة لإنهم من ساعة ما فاتهم البرنامج مش جايلهم نوم. وأحب أحذركم إن البرنامج ده مش للهواة، واللي هيستهبل هنحرمه من سماع البرنامج العام!

اضغط هنا لتحميل البرنامج واستمتع!

Monday, January 02, 2006

تنويه


مع بداية السنة الجديدة قررت اغير من رخصة "Creative Commons" لرخصة "جميع الحقوق محفوظة" وده بعد ما جالي تعليق "ظريف" بيقول:

معلهش لم يكن لدى وقت للأستئذان انا اعجبت بقصتك ارز باللبن وساقدمها فى برنامجى يوم الخميس 5 يناير 2006 وكل تفاصيل عن البرنامج وميعاد الأذاعه فى الموقع التالى


وأحب أنوه عن التالي:
1. أنا عارفه إن الرخصة دي مالهاش معنى في بلدنا خصوصاً بالنسبة لجهاز "محترم أوي" زي الإذاعة والتليفزيون، لكن ده إجراء علشان ابقى عملت اللي عليا.
2. الإيمايل بتاعي موجود في البروفايل بمنتهى الوضوح، وده محطوط علشان اللي عاوز يوصل لي، ده لو كان عاوز.

3. كتابة إيمايل بتاخد دقيقتين، أو خمس دقايق لو بتكتب ببطء، أو عشر دقايق لو بتستهجى الحروف الأول.
4. بين يوم الأحد ويوم الخميس أربع أيام.

5. أنا شلت قصة "الأرز بلبن" من المدونة. هه! غتاتة بغتاتة بقى.

التصرفات اللي زي دي بتخليني أفكر كتير أوي في جدوى المدونة وإن من الأفضل إني اكتب مع نفسي وانشر في يوم من الأيام وخلاص لما يجيلي مزاج بدل حرقة الدم.

تحديث:

البرنامج طلع عنده مدونة!