تنتقل بخفة بين المطبخ ودكان الورد والشرفة والسحابة وغرفة المعيشة. ورائها تهرول قصاصات من الورق، ورائحة خبز دافئ، وصوت العصافير وهي تشدو بنشيدها القومي. يشدها من ذيل فستانها ويخرجها من دوامتها ليسأل: "لماذا لا تشيخ الألوان؟"
تنهدت. وضعت جانباً غربال الأحلام ولملمت أطراف جناحها وجلست القرفصاء على كتفه، وأحضرت البطة لتطعمها، حتى لا تتوقف عن ممارسة حياتها في خضم كل هذا الكلام. "يا عزيزي، الألوان لا تشيخ أبداً لأنها تعرف نفسها جيداً؛ تعرف ماذا تستطيع أن تفعل، وماذا تريد أن تكون".
يطرق ويتوسد خده كفه. "أنا لا أفهمك".
"لماذا؟ اسمعني: يهدر الإنسان عمره وهو يحاول أن يعرف ماهيته، وهو يحاول أن يبحث عن طريقه، وهو يحاول أن يكون شيئاً آخر. ولكن هذا الموضوع محسوم بالنسبة للألوان. أجل، حتى الألوان الباهتة، أو تلك المشتقة من درجات أخرى، ترى نفسها على حقيقتها، وتفهم دورها جيداً، وتعرف من بالضبط يستطيع أن يبصرها، ومتى يمكنه ذلك".
"هل من الطبيعي أن أتمنى أن أكون لوناً؟"
"بالتأكيد! أنا عن نفسي أتمنى أن أكون لوناً أخضراً بطعم الشمام المثلج!"
نظر لصورته في عينيها وقال: "أنا محتاج أوي أزغزغك دلوقتي".
Wednesday, June 21, 2006
الشباب الدائم للألوان
Friday, June 09, 2006
عن نبع يترقرق وغابة تحجرت
على الشاشة فيلم مغربي كئيب، وعلى الأريكة عاشقان في عناقٍ متهادٍ. تريح رأسه على صدرها وتقبل جبهته مرة، واثنتان، وثلاث. وعندما يسقط في النوم تظبط إيقاع نبضات قلبها وتستكين، كي لا يقلق منامه شيء. ثبتت المشهد على الشاشة حين أدركها الظمأ وأجهدت عيناها الظلمة. تمنت لو تُـثَـبِّـت عناقهما هذا أيضاً، فيظلان هكذا للأبد: هو نائم على صدرها، وهي تقبل جبهته مرة، واثنتان، وثلاث. سيُظلِم العالم من حولهما، ويستريح التراب فوقهما، وتغط حيوانات المنزل الأليفة على رأسيهما، ولكن لن يفارق هو حضنها، ولن تشتاق جبهته لشفتيها. وبمرور الزمن تصير هي النبع الذي لا تعرف غابته غيره، فتترقرق ويتحجر، حتى يفلتهما الزمن من قبضته.
Friday, June 02, 2006
هكذا تكلمت القطة المشمشي
أليس قالت تسأل القطة المشمشي لإن باين عليها بتفهم: "ينوبك ثواب...تقدري تقوليلي آخد أنهي سكة علشان أطلع من هنا؟"
القطة المشمشي ردت على أليس رد مُفحِم: "والله ده يتوقف على إنتي عاوزه تروحي فين أصلاً".
"مش فارقة معايا أوي الصراحة..."
"يبقى مش هتفرق معاكي السكة اللي هتاخديها".
أليس اتخضت: "أيوه...بس أنا عاوزه أطلع من هنا، وأوصل في الآخر لمكان معين يعني!"
القطة المشمشي ضحكت كده وقالت: "ما تخافيش...أكيد هتوصلي في الآخر لمكان معين...لو مشيتي كفاية".
________
ترجمة بتصرف لـقطعة من الفصل السادس من "أليس في بلاد العجائب" للويس كارول.