إنها الحادية عشرة مساءً: الحياة تتحول للوردي ببطء. في معطف دافئ طويل، ووشاح أحمر حميم، أحتضن قطعة من جريدة بها بطاطا مشوية، وألتهمها مستمتعة بالدفء الذي تحدثه في معدتي بعد كل هذا البرد. أحاول أن أختزن في عقلي تفاصيل شارع 26 يوليو في هذا الوقت، ولكن أجدني مهتمة أكثر بالبطاطا. نصحني صديق أن أكون خرتيت، أن أضع هدف واحد نصب عيني وأركز كل طاقتي في تحقيقه، أن أكتب حتى ولو لم تحضرني الكتابة ولم أرى الحدوتة في أي شيء حولي. ألتهم قطعة أخرى من البطاطا، وأحاول أن أستحضر تدريبات التركيز: أفكر في شكل جسمي، خطوتي، حركات يدي، وتنفسي. أركز أكثر فترسل السماء رذاذاً خفيفاً يدغدغني حتى أبتسم. أفكر في عمودي الفقري: أبدأ في تلوينه بالأزرق الجميل، من أول فقرة لآخر فقرة، بهدوء وتأنٍ. فرشاة الطلاء تمر على فقراتي بوداعة، لكنها تأخذ معها الكثير مما علق بعمودي الفقري طوال الليالي الفارغة. هناك صندوق خشبي أخضر بأعلاه فتحة صغيرة. أكتب تساؤلاتي عن دوري في حياته، وحياتها، وحياتهم على أوراق صغيرة، وأرميها في الصندوق وأنساها هناك. أتنفس بعمق. أصل لمنتصف ثمرة البطاطا لأكتشف أن قلبها أحلى من أطرافها. أكمل الأطراف وأترك القلب لأختم به. آخر لقمة هي أشهى لقمة. أتلذذ بالبطء، بصوت المطر الرخيم والخطوات القليلة والسيارات المتهادية. ليس لدي شيء مهم أو فكرة جديدة، كل ما أردت أن أقوله هو إن البنفسجي يلزمه بعض الوقت ليتحول للوردي.
Thursday, February 16, 2006
الخرتيت البمبي البطيء
Subscribe to:
Posts (Atom)