Monday, February 21, 2005

!اصبر يا حافظ


كانت مفاجأة سعيدة جداً عندما وجدت حسام فخر في مجموعته القصصية الحميمة "وجوه نيويورك" يحكي عن حافظ الشيرازي. ففي قصة "وجهان تحت المطر" يتعرف حسام على تقليد إيراني قديم: "تجيب ديوان حافظ وتحط ايدين الناس عليه، وتقوله يا حافظ يا شيرازي أعطنا شيئاً يُسعد هذا الجمع. وبعدين تروح فاتح الديوان على أي صفحة، وبالتأكيد هتلاقي حاجة تسعد كل الموجودين ...بص كده..." وبالفعل يعطيهم حافظ الشيرازي في هذه الأمسية قصيدة رائعة الجمال.

سعدت عندما قرأت هذه القصة لأن حسام جعلني أدرك أن زوج خالتي لم يختلق تقليد إيراني قديم فقط ليعرفني على حافظ الشيرازي ويثير اهتمامي بشعره. فلقد كنت أزور خالتي مرة ووجدت زوجها منهمكاً في قراءة مجلد كبير غلافه مزخرف ومصقول، وأنا ضعيفة أمام أغلفة الكتب الجميلة.

"بتقرا إيه يا عمو أحمد؟"

عمو أحمد مستغرق في الكتاب ولكن يرفع عينيه فجأة فيراني: "أهلاً أهلاً! ده يا ستي ديوان حافظ الشيرازي. تعالي: حطي إيدك عليه وقولي "يا حافظ يا شيرازي اعطنا شيئاً يسعدنا" وافتحي أي صفحة".

افعل كما قال وافتح فأجد حافظ يقول:
واصبر يا حافظ...! فسيتضح لك أمر هذه الخُرفة التي تتدثر بها
وسترى الزّنار الذي يكشفون عنه من تحتها بالدجل والرياء...!

لن أكذب وأقول إنني فهمت ما المقصود بالأبيات في حينها، ولكن جملة "اصبر يا حافظ" اصطدمت بوعييّ بشدة. فلقد كنت أمر بوقت متقلب في حياتي أردت فيه كالعادة أن أقوم بكل شيء في نفس اللحظة. هل حدث لك هذا من قبل؟ شخص ما يقول كلمة ما في لحظة ما وفجأة...ينير العالم! وفي هذا الضوء المبهر ترى كل شيء في مكانه الصحيح. أحياناً تكون تلك الكلمة في غاية البساطة، شيئاً مثل "بطّلي عبط يا رحاب" أو "بس اكتبي" أو "دلعي نفسك، ماتستنيش حد يدلعك" أو "وجّهي طاقتك في قنواتها الصح"، ولكن عندما قال حافظ "اصبر" تسمرت في مكاني وادركت أن "أيوه! صح! اصبري! مالك عاملة كده ليه؟"

اختلفنا أنا وعمو أحمد على كلمة "الخُرفة" لأن الكتابة كانت مزخرفة ولم يكن التشكيل واضحاً، فقرأتها أنا "الخرقة" وقرأها هو "الخُرفة"! وكان تبريري للخرقة هو "تتدثر بها" و"الزنار" واستشهدت بـ"ما في الجب غير الله" ولكن عمو أحمد صرف نظريتي، وأكد على أنني لم أفهم الأبيات وأن الخرفة تشبيه "ومش لازم بدال قال تتدثر يبقى بيتكلم على حتة قماشة يعني".

في مواقف كثيرة أتذكر كلمات حافظ لي واصبر. وأنا الآن مقتنعة أنه كان يقصد "خرفة" فعلاً.

شكراً يا حسام...شكراً يا عمو أحمد...وشكراً يا حافظ!

3 comments:

  1. hey

    7elwa el le3ba di :) i would try it may be .

    ReplyDelete
  2. رحاب.. التقليد الإيراني يشبه تقليدا يمارسه الشيعة.. يسمى بالاستخارة.. مع استبدال ديوان حافظ بالقرآن

    لعبة حلوة زي ما قالت وحدة مصرية
    ولكن حتما لا يعتمد عليها :)

    ReplyDelete
  3. دي معلومة جديدة عليا يا شروق...شكراً على الإضافة :)

    وأكيد طبعاً لا يُعتمد عليها لكن ما اقدرش انكر إنها ليها سحرها الخاص :)

    ReplyDelete