نقف أنا وهو وجهًا لوجه، دون أن يطرف لنا رمش.
أسأله: "ها؟".
يزوم: "إيه؟".
أرمي الكرة في ملعبه: "قول إنت.. ".
يغمغم.
أحاول: "طيب.. إيه رأيك؟".
يحاول: "اللي إنتي عايزاه".
أسأل على استحياء: "عندك إيه؟".
يجيب وهو يجاهد حتى لا يُظهر تململه: "كل حاجة".
أصمت للحظات، ثم أعلن انهزامي: "خلاص! قهوة يا سيد وخلاص!".
يبتسم: "ماشي".
لبضعة أيام، أقرأ عن فوائد الشاي ومضار القهوة، ولبضعة أيام أطلب من سيد الشاي: الشاي الأحمر، الشاي الخرز، الشاي الفتلة، الشاي الورق، الشاي الإيرل جراي، الشاي الأخضر السادة، الشاي الأخضر بالنعناع، "طيب عندك بقى شاي أخضر بالياسمين؟"، ويغيظني سيد لأن عنده كل أنواع الشاي. أتمنى في مرة أن يقول أن الشاي نفد، فأطلب القهوة بضمير مستريح.
ولبضعة أيام، أقرأ عن فوائد القهوة التركي وعن أن الشاي مبالغ فيه، وأحن لوضوح القهوة، فأرحم سيد من ترددي في اختيار مشروب الصباح، وأقول بحسم بمجرد دخولي المكتب: "القهوة يا سيد لو سمحت".
أُراجع ما أعرفه عن نفسي: أحب القهوة سادة، والشاي الأحمر بثلاث ملاعق سكر، والشاي الأخضر في منتصف اليوم، والكابتشينو سادة مع قليل من السكر مرشوش على رغوة اللبن، والقهوة الفرنسية بالبندق مضبوطة، والينسون بملعقة سكر واحدة، والكاموميل بالعسل، ولا أشرب الإسبرسو أبدًا.
ولكني لا أستطيع أن أخدع نفسي طويلا: أعرف أن هناك مشروبات كثيرة، وطرق أكثر لبدء اليوم، وأعرف أيضًا أن هناك حقيقة واحدة: أنا شخصية معقدة، أُحب الوضوح وأُقدس البساطة؛ أُحب أن تكون القهوة السادة أول شيء في صباح الأيام "الزيادة".
Tuesday, August 19, 2008
يا مين يقول لي أهوى
Sunday, August 10, 2008
وجود
جلس في القاعة يسيطر عليه شعور واحد: الكراهية. هو يكره هذه القاعة، ويكره هذا الكرسي، ويكره هذين الزوجين، ويكره تلك الشابة التي تبتسم أكثر من اللازم، ويكره طفلتها المزعجة، ويكره رئيس الاجتماع الكهل، ويكره تلك الأرملة ذات الصوت العالي والملابس الملونة، ويكره الجمعية العمومية بأسرها، ويكرههم أكثر عندما ينادون على أسماء الأعضاء ليتأكدوا من حضور الجميع. ينادوا على اسم زوجته فيقوم ويقول "موجودة"، ويجلس دون أن ينظر حوله لأنه يعرف أنه يكره نظراتهم.
في المساء، وهو يتناول بواقي عشاء الليلة السابقة أمام اللابتوب الذي يعرض صورهما، يعترف لها أنه – بشكل أساسي - يكرههم لأنهم ما زالوا على قيد الحياة.
Subscribe to:
Posts (Atom)