Wednesday, July 12, 2006

يوم ما اتاكل التور الأبيض



...كان ياما كان، يا سعد يا إكرام، ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام

كان في تلات تيران عايشين في غابة، واحد أبيض وواحد أحمر وواحد أسود، وكان عايش معاهم في الغابة أسد لكن ماكانش بيقدر عليهم لإنهم كانوا متجمعين مع بعض عليه. الأسد قعد يدحلب ويتسحلب لحد ما بقى صاحبهم ورايحين جايين سوا طول النهار، وسهرات وخروجات وعزومات ياما! وفي يوم من الأيام الأسد اخد التور الأسود والأحمر على جنب وقال لهم: "ماحدش فاضحنا في الغابة دي غير التور الأبيض! لونه أبيض كده وملعلع وحيخلي الصيادين ياخدوا بالهم مننا وباقي حيوانات الغابة يحسدونا! لكن أنا وانتم ألواننا قريبة لبعض، بأقول إيه...سيبوني آكله علشان نقدر نعيش في الغابة مطمنين وكافيين خيرنا شرنا

"!قالوا له: "لأ إذا كان فاضحنا وغرضك أمننا وسلامتنا...يبقى تاكله طبعاً

.وفعلاً الأسد ماكدبش خبر واكل التور الأبيض

عدت الأيام في السهرات والخروجات والعزومات، وفي يوم كده الأسد اخد التور الأحمر على جنب وقال له: "التور الأسود ده صوته عالي أوي وهيلم علينا الصيادين، لكن أنا وأنت صوتنا رقيق! أنا بأقول آكله عشان نقدر نعيش في هدوء والغابة ماتقولش علينا إرهابيين


"!التور الأحمر وافق: "ده كله إلا الإرهاب يا جدع

.والأسد ما كدبش خبر واكل التور الأسود

مافيش كام يوم، والأسد والتور الأحمر قاعدين يشيشوا، الأسد زغر للتور الأحمر وقال له: "بأقولك إيه يا تور أنت...أنا هآكلك! طلبت معايا آكلك!"

".التور الأحمر قال: "طيب خليني أصوت على نفسي تلات مرات...إكمن مافيش تور فاضل يصوت عليا

الأسد قال له يصوت على بال ما يخلص حجر المعسل

"!قام التور الأحمر رقع بالصوت: "يا خيبتك يا أحمر يا خيبتك...يا خيبتك! أنا اتاكلت يوم ما اتاكل التور الأبيض

__________
القصة الأصلية منسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكني أعدت صياغتها. وردت القصة في كتاب مجمع الأمثال للميداني والمستقصى في أمثال العرب للزمخشري

Saturday, July 01, 2006

بالأمس حلمت بالبطيخ


أتمدد على سريري في شبه إغماءة رافعة قدمي على وسادة لتكون أعلى من مستوى جسمي. الدنيا حر...حر...حر. يؤلمني الحر جداً لأنه يخفض ضغطي المنخفض بطبيعته، وتتورم يدي وقدمي من الرطوبة. أمارس هوايتي المفضلة في ظل هذه الظروف: الحملقة في السقف. زينت سقف غرفتي بالنجوم والزهور الفسفورية. كيف نسيت الفراشات؟ لماذا لا توجد فراشات فسفورية بجوار الزهور الفسفورية؟ على العموم هذا خطأ يمكن تداركه. يا رب...يا رب بطيخة...وتكون ساقعة يا رب. أركض في دماغي خلف فقاقيع الصابون. فقاقيع...فقاقيع...فقاقيع. إيه الكلمة دي؟ بلالين أحسن. بلالين الصابون. الصابون...الصابون...الصابون. إيه الكلمة دي كمان؟ ماله الكلام عامل كده ليه؟ إني أسبح في المهلبية تماماً. كم سيكون رائعاً لو عملت في مجال بلالين الصابون: أجلس على دكة خشبية تحت شجرة ظليلة وأمامي صندوق خشبي عليه جردل كبير، وأكواب بلاستيكية، وقطع من خرطوم بلاستيكي. يأتي الأطفال ساعة العصاري ليشتروا مني أكواب الصابون، المخلوط بقليل من السبرتو، فهو الذي يجعل البلالين ملونة، هذا هو سر الصنعة، ولذلك يأتي الأطفال ليشتروه مني دوناً عن باقي بائعي البلالين. يغطسون أطراف قطعة الخرطوم في كوب الصابون، وينفخون ملايين البلالين. أحذرهم من شرب الصابون أو السبرتو لأن ذلك سيجعلهم لا يستطيعون أكل الآيس كريم أو الجيلي طوال حياتهم. يسددون ثمن البلالين بشقق من البطيخ. أقضي الصيف كله في بيع البلالين وأكل البطيخ على الدكة.

يدق جرس الباب. اللعنة! ا-ل-ل-ع-ن-ة بجد يعني! من الطارق الداعي الذي جاء ليفرقع مشروعات البلالين؟ أقوم ببطء شديد محاولة ألا يغشى علىّ. أجلس مستقيمة على السرير وأضيق عيني لتذهب النقط السوداء التي ظهرت أمامي فجأة. الضغط الواطي هيفضل طول عمره واطي يا جدع.

أفتح الباب لأجده أمامي بتعبير في منتهى الجدية: "كل الناس بتقول إنها بتحبك، لكن أنا الوحيد اللي جبت لك بطيخة ساقعة".

أشب على رجلي لأطبع قبلة على خده وأسحبه من يده للمطبخ. أقسم البطيخة نصفين وأعطيه نصفها وآخذ الآخر. أفتح باب الثلاجة ونفترش البلاط البارد أمامها ونأكل البطيخ بمغارف الآيس كريم.

"أنا كنت في السرير باحلم بالبطيخ والبلالين".

"ليكي عين بعد كده تقوليلي إني مش فارس أحلامك؟"

"لأ ماليش...من هنا ورايح إنت فارس أحلامي...البطيخية!"